عاجل بوست - إنترناشونال بوليسي ديجيست: وقعت شركة سايبا الإيرانية لتصنيع السيارات مذكرة تفاهم مع شركة تصنيع السيارات الجزائرية “تاهكوت...
عاجل بوست - إنترناشونال بوليسي ديجيست:
وقعت شركة سايبا الإيرانية لتصنيع السيارات مذكرة تفاهم مع شركة تصنيع السيارات الجزائرية “تاهكوت”. تتضمن هذه الاتفاقية خططًا لتصنيع مشترك لقطع غيار السيارات، وبناء مصنع في الجزائر لإنتاج سيارات تابعة لسايبا، وتشكل خطوة هامة في محاولة الجزائر لتنويع اقتصادها. رغم كون إيران شريكًا اقتصاديًا هامًا، إلا أن الجزائر تخشى من طموحها الاقتصادي، الذي قد يُعرض السلام الداخلي وتحالفاتها الاستراتيجية للخطر.
لا تقتصر أزمات الجزائر على الاقتصاد فقط، فمنذ عام 2015، وبعد الرفع الجزئي للعقوبات الدولية، سعت إيران لتوسيع مبادراتها؛ لخلق روابط مع الجزائر في الثقافة ومكافحة الأرهاب بجانب أشياء أخرى.
مثل أي دولة أخرى، تستخدم إيران قوتها الثقافية لتقوية علاقاتها مع الجزائر، لكنها تواجه معارضة قوية من الجماعات السلفية والأحزاب السياسية الإسلامية، التي اتهمتها بمحاولة نشر أيدولوجيتها الشيعية. على سبيل المثال، في يناير 2016، كان أمير الموسوي، الملحق الثقافي الإيراني لدى الجزائر، هدفًا لحملة سلبية على “تويتر” بعد أن قام بعدة زيارات لمدارس صوفية.
بدأ منتقدوه في اتهام الحكومة الجزائرية بالتسامح غير المبرر تجاه الخطر الطائفي. تسبب هذا النقد في تأجيل الرئيس الإيراني حسن روحاني زيارته الرسمية للجزائر، خاصة بعد حملة أخرى على “تويتر” تطالب السلطات بإلغاء الزيارة تضامنًا مع الشعب السوري، كوسيلة للتنديد بالتدخل الإيراني في السياسة المحلية السورية. رغم احتمالية ارتباط التغيير في الجدول الزمني بمرض بو تفليقة، إلا أنه ظهر وكأنه انتصارًا للحركة السلفية.
ظهر مثال آخر على تردد الجزائر في التعامل مع إيران، بعد زيارة وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي رضا صالحي أميري للجزائر أواخر مارس الماضي. أعلن حينها توقيع اتفاقية ثنائية لمكافحة التكفيرية. بعد هذا التصريح بقليل، أنكر وزير خارجية الجزائر هذه الأخبار، وأكد أنها لا أساس لها من الصحة. أضاف أن اللقاء كان فرصة للتعبير عن أمل الجزائر أن تلعب إيران دورًا إيجابيًا في المنطقة، وأن تكون من بين عوامل الاستقرار والتوازن في الشرق الأوسط والخليج العربي.
في الوقت الذي شوه سوء الفهم علاقاتهما الثنائية، تمكنت الدولتان من تطوير مستوى التعاون العسكري منذ استعادة العلاقات الدبلوماسية في 2002. مع ذكريات قتال ضد جماعة إسلامية استمر عشرة أعوام، رأى مسؤولو الجزائر أنه من الملائم اتباع جهود إيران؛ لتطوير صناعة دفاع مستقلة رغم العقوبات الدولية. في 2002، وبعد زيارة رئيس أركان الجيش الجزائري لطهران، وقعت الدولتان مذكرة تفاهم لتحسين التعاون العسكري، وخاصة بشأن التدريب.
ارتفع مستوى التعاون الثنائي وعدد الزيارات الدبلوماسية، التي بلغت ذروتها أثناء زيارة وزير الدفاع الإيراني علي شمخاني للجزائر عام 2004. لكن بدأت هذه الجهود في الانخفاض التدريجي؛ بسبب تشديد الغرب للعقوبات ضد إيران، بجانب ارتفاع أسعار النفط، مما أدى إلى تطوير الجزائر لجيشها بمساعدة روسيا حليفتها التقليدية. رغم تشابه وجهات النظر بشأن دور بشار الأسد في سوريا، أدى تدخل إيران في دعم النظام إلى تقييد العلاقات الثنائية، حتى وصلت إلى التبادلات الدبلوماسية والثقافية فقط.
تملك كلا الدولتين تصورات مختلفة بشأن علاقتهما. حيث ترغب الجزائر في إيجاد شركاء جدد؛ لدعمها في جهودها لتنويع الاقتصاد بدلًا من اعتمادها فقط على النفط. هنا يمكن لإيران أن توفر الأساس للمساعدة الاقتصادية غير النفطية وفقًا لنهج الجزائر.
أما إيران، فتسعى إلى توسيع العلاقات مع الجزائر، حيث ترى أنها تعتبر نقطة البداية للإنطلاق في أفريقيا، وأرض يمكنها مواجهة السعودية من خلالها. بالطبع تعتبر إيران أن هذه المنطقة هامة لنفوذ السعودية المتزايد في العالم العربي، بالتالي وجود الجزائر بجانبها سيكون تغييرًا دبلوماسيًا لقواعد اللعبة.
في الوقت الذي أظهر فيه مسؤولو الجزائر ترددهم في تطوير علاقات مع إيران، إلا أن هناك بعض من ممثلي الدولة وقطاع آخر في المجتمع يشاركون طهران وجهة نظرها في عدة قضايا، بدءًا من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى قتال المتطرفين.
أشار متحدث البرلمان الجزائري إلى أن الانضمام مع إيران في مكافحة الإرهاب يمكن أن يؤدي بالتأكيد إلى نتائج ملموسة، لكن من غير الواقعي التنبؤ بتقارب كبير بين أفريقيا وإيران، الذي عززته الثورة الإسلامية منذ 1979.
في الوقت الذي ستستمر فيه إيران في تطوير العلاقات الاقتصادية والثقافية مع الجزائر، إلا أن الصداقة بينهما لن تكون محتملة، إلا إذا هدأ الصراع بين إيران والسعودية، وتفاوضتا على شروط تقارب مع باقي دول مجلس التعاون الخليجي.
COMMENTS