القوة العسكرية السعودية التي وصلت إلى عدن مؤخراً، ستتولى تأمين عدد من المواقع الهامة بينها المطار وميناء عدن وميناء الزيت وقصر معاشيق الرئاسي.
عاجل بوست - الموقع بوست:
"نحن نمتلك الحق ونستغرب مساعدة ودعم الأخونج" بهذه الكلمات عبر الوزير المقال ونائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك عن حنقه الشديد من الأحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة المؤقتة عدن، ووصول قوات سعودية الخميس الماضي لإمساك زمام الأمور في المدينة.
تغريدة بن بريك التي حذفها لاحقاً من حسابه الشخصي في "تويتر" تضمّنت انتقادات ضمنياً لـ"التحالف" ممَثلاً بالسعودية، وهو ما يلقي بدلالته على التحول في الاداء السعودي الإيجابي بعد غياب، والذي أثار حنق حلفاء أبوظبي.
ونقل "الموقع بوست" عن مصدر أمني طلب عدم ذكر اسمه لأسباب خاصة، قوله، إن القوة العسكرية السعودية التي وصلت إلى عدن الخميس، ستتولى تأمين عدد من المواقع الهامة بينها المطار وميناء عدن وميناء الزيت وقصر معاشيق الرئاسي.
ومساء الخميس وصلت إلى ميناء عدن، قوة عسكرية تابعة للواء المغاوير(السعودي)، ومجهزة بمصفحات وعربات عسكرية.
وأضاف، ستتولى القوة العسكرية حراسة قصر معاشيق، وتهيئة الأجواء أمام عودة الرئيس اليمني "عبد ربه منصور هادي" عودة نهائية إلى البلاد بعد أن ظل خلال العامين الماضيين يتنقل بين العاصمة السعودية الرياض، والعاصمة المؤقتة لليمن "عدن".
وأشار إلى ان قوة تابعة للحكومة الشرعية اليمنية تتلقى تدريبا في المملكة العربية السعودية، ستصل لاحقا إلى عدن، لمساعدة القوات السعودية في تأدية مهامها.
لقاء استثنائي
وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في مقر إجازته في مدينة طنجة المغربية ظهر الجمعة الرئيس عبدربه منصور هادي في لقاء وصف بالحميمي والاسثنائي من حيث المكان والزمان.
الخبر المنشور في وكالة الانباء الرسمية (سبأ) عن اللقاء لم يخل من لغة امتنان بالغة من موقف الشقيقة الكبرى لليمن ملكا وحكومة وشعباً، حيث اطلع رئيس الجمهورية الملك سلمان على تطورات الأوضاع في الساحة اليمنية، كما جرى بحث القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، مجددا شكره للعاهل السعودي على ما تقدمه المملكة من دعم للشعب اليمني في مختلف المجالات ،ووقوفه إلى جانب إرادة الشعب اليمني في إنهاء انقلاب مليشيا الحوثي وصالح المدعومة من ايران.
من جانبه جدد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حرص المملكة على دعم الشعب اليمني وحكومته الشرعية لما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على أمنه ووحدة أراضيه.
الرئيس اليمني كان قد وصل إلى المملكة المغربية مساء الخميس الماضي، واستبق لقاءه بالملك سلمان باجتماع مع نائبه الفريق علي محسن ورئيس الوزراء و مستشاره رشاد العليمي و محافظ عدن عبدالعزيز المفلحي.
الاستجابة السعودية لطلب الرئيس لقاء الملك سلمان كانت سريعة بعد ظهور الخلاف بين السلطة الشرعية في اليمن و دولة الإمارات إلى العلن رغما عن كل جهود التهدئة التي بذلت لاحتواءه، والتطورات المتسارعة، حيث اتهم البنك المركزي اليمني خلية للتحالف العربي بعرقلة توريد السيولة النقدية إلى العاصمة المؤقتة عدن، واستدعاء الرئيس هادي لرئيس حكومته ومحافظ عدن إلى الرياض للتشاور بعد طلب أبوظبي تغيير المحافظ المفلحي وهو ما رفضه هادي.
وما بين لقاء الرئيس بالملك سلمان و اجتماعه بمسئولين يمنيين كانت قوات سعودية وصلت إلى ميناء عدن ستتولى حماية القصر الرئاسي بالعاصمة المؤقتة عدن.
ونشط محافظ عدن عبدالعزيز المفلحي خلال الأسبوع الفائت في لقاءاته الدبلوماسية حيث التقى السفيران الأمريكي و البريطاني وناقش معهما سبل تطبيع الحياة في العاصمة المؤقتة و أبرز العراقيل.
لاعبون جدد
التحول على الأرض لم تكن محوره الحكومة الشرعية فقط، فقد هاجم مجلس الحراك الثوري الذي يرأسه القيادي الجنوبي حسن باعوم دولة الإمارات و اصفاً إياها بالـ(المحتل).
جاء ذلك في لقاءه الموسع الذي انعقد الخميس في العاصمة المؤقتة عدن، و حذر البيان الصادر عن الاجتماع "مما يجري اليوم في الجنوب من سباق محموم بين قوى خارجية كدولة الإمارات، التى أصبحت تستحوذ على منافذ الجنوب وخيراته، وتتحكم بمصير شعبنا وتوجهاته، ثم تأتي لتمنح ثلة ممن اتخذتهم أتباعاً لها قليلاً من الفتات الحقير، وتؤسّس لمستقبل متناحر متشرذم تصنعه من خيرات الجنوب" في إشارة إلى رفض المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تدعمه أبوظبي برئاسة عيدروس الزبيدي.
مؤكداً أن "مصلحتها استمرار معاناة شعب الجنوب والخنوع لها لتضحي بديلاً للمحتل السابق، وبتسميات مختلفة، وقد تؤدي حالة التعاطي مع ذلك الخارجي إلى غياب رؤية الثورة والدخول في صراعات لا نهاية لها".
وشدد البيان – تلقاه الموقع بوست- على "رفض الوصاية الخارجية من أي كان، والتأسيس للقبول بمبدأ التعاون والعلاقة الطيبة المشتركة مع المحيط الخارجي، وبالذات من سيساعد الجنوبيين على تحقيق استقلال الجنوب".
وتستضيف سلطنة عمان منذ انطلاق عاصفة الحزم لقاءات لقيادات جنوبية توصف بأنها ضد الحرب في اليمن والمناهض للتواجد الاماراتي في الجنوب و يشكل تيار (حسن باعوم) أبرزها، إضافة إلى نائب رئيس مؤتمر الحوار الوطني الشيخ أحمد الصريمة والشيخ عيسى آل عفرار و محمد علي أحمد و أحمد مساعد حسين.
هذا التحول الدراماتيكي السريع و المفاجيء كان وراء مغادرة محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي، مدينة عدن متوجهاً إلى الضالع واعتكافه فيها.
وفيما نفت المصادر أن تكون "مغادرة الزبيدي إلى بلدته بالضالع، استجابة لضغوطات من التحالف لتسليم مبنى السلطة المحلية في عدن للمحافظ عبدالعزيز المفلحي"، أكدت أخرى أن تكون مغادرة الزبيدي عدن، جاءت بناء على ضغوط من "التحالف" ممثلاً للسعودية، لتسليم محافظ عدن عبدالعزيز المفلحي، مقاليد السلطة كاملة في المدينة، بما فيها مبنى السلطة المحلية وسكنه اللذان يخضعان لحراسه تابعة لمحافظ عدن السابق، هذا إلى جانب تهيئة الأجواء لعقد الجلسة المرتقبة لمجلس النواب.
حنق حلفاء أبوظبي جدده حضور نائب قائد القوات الإماراتية في العاصمة المؤقتة العميد الركن (أبومحمد) لحفل تخرج الدفعة التدريبة الثالثة القتالية في لواء النقل التابع للحرس الرئاسي الأربعاء الماضي، في أول تقارب بين قيادة القوات الإماراتية و ألوية الحرس الرئاسي منذ أحداث المطار في فبراير الماضي، والذي كان طرفاها ألوية الحماية الرئاسية و الحزام الأمني المدعوم من أبوظبي.
إذن فنحن أمام تراجع للدور الإماراتي وحلفائه في العاصمة المؤقتة و المدن المجاورة على الأقل لصالح نفوذ سعودي آخذ في التنامي، وربما عماني يمتلك أوراق تأثير سياسي، وذلك بعد تزايد حدة الانتقادات على ممارسات الإمارات في جنوب اليمن في الآونة الأخيرة.
اتفاق سري
وكشفت مصادر لـ(الموقع بوست) عن اتفاق غير معلن بين اليمن و السعودية و الإمارات و بريطانيا وأمريكا قضى باضطلاع بريطانيا بالإشراف على إدارة وتأمين السواحل اليمنية الممتدة من شواطئ (حوف) شرقاً و حتى سواحل (المخا) غرباً و تأهيل خفر السواحل اليمني، فيما ابقت الولايات المتحدة على ملف مكافحة الإرهاب تحت اشرافها، وهو ما يفسر عدم حصول أبوظبي على ثقة واشنطن ولندن في ملفي تأمين ممرات الملاحة الدولية و مكافحة الإرهاب في منطقة باب المندب وخليج عدن.
وزار وفد عسكري بريطاني رفيع الثلاثاء معسكر قيادة القوى البحرية والدفاع الساحلي بمنطقة التواهي بالعاصمة المؤقتة عدن.
وكان في استقبال الوفد اللواء الركن بحري عبدالله سالم النخعي قائد القوى البحرية والدفاع الساحلي وعدد من قيادات وضباط القوى البحرية والقاعدة البحرية بعدن ، وناقش الوفد البريطاني مع قيادة البحرية اليمنية عدد من المواضيع المتصلة بتبادل الخبرات بين قوات البلدين.
ونزل الوفد إلى عدد من المواقع والمعالم العسكرية ومنها مواقع رأس جبل مربط الاستراتيجي.
اقرا ايضا: الإمارات.. بين ممارسات "الاحتلال" وأهداف "التحالف" الداعم للشرعية في اليمن
وأعلنت مليشيا جماعة الحوثي في الثاني عشر من أغسطس الجاري أن قواتها البحرية استهدفت سفينة حربية تابعة للتحالف العربي في ميناء مدينة المخا الساحلية.
تزايد الاتهامات
تراجع الدور الإماراتي على ما يبدو جاء رضوخا لتزايد الضغوط و الاتهامات الدولية لها وعلى خلفية اتهام الرئيس هادي لها بالخروج عن أهداف التحالف العربي وهو ما قد يفسر رفعاً لغطاء الشرعية عن التدخل العسكري للتحالف العربي في اليمن.
مؤخراً اتهم تقرير سري للجنة الخبراء في مجلس الأمن الدولي الإمارات بتمزيق جهود الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ودعم ميليشيات سلفية خارج "هيكل هرمي حكومي" ما يخلق فجوةً في المساءلة بارتكاب الجرائم.
ونشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، الجمعة، تقريراً عن تقرير لجنة الخبراء الذي قُدم سرياً لمجلس الأمن.
وقدم التقرير شواهد ومعلومات عن الدور الإماراتي في البلاد من خلال دعم ميليشيات أبو العباس في تعز، الذي يرفض وضع قواته تحت قيادة الأركان اليمنية، كما أشار إلى السجون السرية التابعة للإمارات أو قوات موالية لها متحدثاً عن تحقيق أجراه فريق الخبراء وأكدوا وجودها بما في ذلك إساءة معاملة السجناء في المكلا، كما أشارت اللجنة إلى أحداث مطار عدن، وتآكل سلطة الحكومة اليمنية في المحافظات الثمان الواقعة تحت سيطرتها.
وكل المؤشرات تدل على قلق واشنطن من تنامي نفوذ الإمارات في المنطقة لاسيما الممرات الملاحية في باب المندب وخليج عدن، وهو ما يفسر تزايد التقارير المنتقدة للإمارات في الصحافة الأمريكية ومراكز الأبحاث الغربية، كما لا يمكن اغفال الأزمة الخليجية وتداعياتها على الأحداث في اليمن وموقف واشنطن من الملفين.
كل ما سبق دفع أبوظبي للإيعاز لحليفها عيدروس الزبيدي على الأرجح في محاولة منها لتبرئة ساحتها من كل التهم خلال حوار صحفي أجراه معه موقع (المونيتور) الأمريكي المهتم بشئون الشرق الأوسط والخليج.
قلق أبوظبي
مؤخراً كشفت صحيفة "ذي إنترسبت" الأمريكية عن تسريب جديد من البريد الإلكتروني لسفير الإمارات في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، عبر فيه عن قلقه من استهداف مواقع مدنية في حرب اليمن.
وقالت "ذي إنترسبت" إنه "في خريف عام 2015، بعث العتيبة مذكرة لكبار المسؤولين في الإمارات كتب فيها أن الحرب في اليمن أصبحت كابوساً للعلاقات العامة".
وأضافت المذكرة أن "إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، كانت تدعم الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، لكن على مضض، بسبب تأثيرها على سمعة واشنطن ووضعها أبو ظبي في موقف حساس".
وأشارت الصحيفة إلى أن "تسريب بريد العتيبة كشف أن السفير الإماراتي كان يسعى إلى تخفيف الضغوط على البيت الأبيض في عهد أوباما، بسبب الكلفة الإنسانية للحرب في اليمن".
وطالبت المذكرة بـ"توخي الحذر، ولو بشكل مؤقت على الأقل، في انتقاء الأهداف العسكرية"، معتبرةً أن "ذلك ينطبق على القوات الجوية السعودية المسؤولة عن معظم الهجمات التي أخطأت أهدافها".
وبالمحصلة فإن الإمارات وبعد أكثر من عامين من الحرب في اليمن لم تعد اللاعب الوحيد في اليمن عموما و جنوبه، خصوصاً بعد التحرك العماني في المنطقة الشرقية و التحرك السعودي الأخير و الذي ينظر إليه بحسب مراقبين على أنه محاولة للحفاظ على التوازن السياسي والعسكري، والإبقاء على مبررات التدخل العسكري للتحالف العربي وتحرزاً من مغبة ملاحقات قانونية قد تطال التحالف العربي بقيادة السعودية.
كما يمكن الربط بين تراجع الدور الإماراتي جنوباً مع تزايد حدة الخلافات بين طرفي الانقلاب شمالا وهو ما قد يعبر عن تلاشي مبررات الدور الإماراتي خلافاً للسابق، وتحلل الرياض من أي ضغوط سابقة لحليفتها في اليمن.
COMMENTS